المجتمع المغربي وحملاتُ التكفيريين الجددِ عليه
التكفير بالجملة في حق الدول والجماعات والمجتمعات، لم يعد حكرا على بعض الشباب المتدينين الناقمين الثائرين، ولا على غلاة السلفيين الوهابيين، بل أصبح من أبرز سمات الحداثيين المتطرفين المفلسين.. فلم يعد هؤلاء يكتفون بتكفير الحركات الإسلامية والدعاة الإسلاميين، ونعتهم بالظلاميين والمهربين الدينيين وتجار الدين.. إلى آخر القاموس الحداثي المعروف.. بل أصبحوا يكفرون المجتمع برمته.. فكلما اصطدموا بتمسكه بقيمه ورفضه الانسياق وراءهم، وصفوه بكونا “منافقا”. ومعلوم أن النفاق في الأمور الدينية معناه الكفر، بل النفاق في الدين هو أسوأ أنواع الكفر.
ومؤخرا أجرت الإذاعة الأمريكية (Npr) حوارا مع إحدى الإباحيات من أصل مغربي قالت فيه: “المرأة المغربية لا يمكنها الحديث عن حياتها الجنسية لأنّ المجتمع “منافق”، لا يسمح لها بذلك.
ولكي تبرهن على نفاق المغاربة ونفاق القوانين في المغرب، أضافت الكاتبة المغربية المتحولة (تحولت عن دينها وعن جنسيتها المغربية)، أضافت أنّ أغلب المغاربة يمارسون الجنس (تقصد الزنى)، ولكن إذا كُنتَ في المكان الخطأ، وفي الوقت الخطأ، فإنّك ستكون معرّضاً لعقوبة حبسية تصلُ إلى عام، أو سيتعين عليك إعطاء بعض المال للشّرطة أو لشخص ما، إذا كنت لا تريد أن تواجه مشكلة.
وهذا وحده كافٍ لتفسير السخاء الفرنسي مع هذه الكاتبة، التي منحوها جنسيتهم، وفتحوا لها مؤسساتهم وقنواتهم، وأغدقوا عليها من هداياهم وجوائزهم!
ومنذ سبع سنين كنت كتبت مقالا عن (التكفيريين الجدد)، نشر بجريدة (المساء)، وهذا بعض ما جاء فيه: “بعض الحداثيين يعتبرون أن خصومهم ومخالفيهم الإسلاميين ليسوا مسلمين حقيقيين، وإنما هم مجرد مهربين دينيين، ومجرد منافقين يستغلّون الدين ويتاجرون به ويوظفونه لتحقيق أطماعهم السياسية… هؤلاء التكفيريون الحداثيون يرون أن الإسلاميين لا يصلحون لهذا العصر أصلا، فكيف يصلحون للسياسة والمشاركة في الحكم؟ بل يعتقدون جازمين أن المكان الوحيد المناسب لهؤلاء الإسلاميين المتطفلين على السياسة والحياة المعاصرة هو السجون أو االقبور.
في المغرب قبل عشر سنوات (أي سنة 2003)، أتذكر أن أحد الحداثيين من فصيلة “شاربان”، كتب مقالا بعنوان “أنا استئصالي”، أكد فيه أن الإسلاميين لا مكان لهم مع الحداثيين، وأنهم لا يصلح معهم إلا الاستئصال…