ورطة القضاء مع السياسة..
حين يفشل السياسيون، أو يضيق صدرهم، يحيلون الملف على القضاء، لكي يستعمل السكاكين والطواحين القانونية، ويتحمل أوزارها..
سمعت أكثر من مرة فقيدنا وحكيمنا الأستاذ عبد الله بها يقول ما معناه:
عندما ينادَى على ضابط الشرطة القضائية ويكلف على وجه السرعة والتأكيد بأن يتخذ الإجراءات اللازمة والحازمة ضد فلان أو بني فلان، فإنه يدرك أن هذا ملف حامض وغير عادي، وروائح السياسة تفوح منه، “والفاهم يفهم..”.
يتحرك الجهاز المعني، فيقوم فورا بإعداد ملف “فاعل تارك”، ثم يقدمه للنيابة العامة، بعد اطلاع الرؤساء عليه.
ممثل النيابة العامة يبصر ما في الملف من ثغرات وتجاوزات وتلفيقات، ولكنه يقول: ما لي أنا ولهذه الجمرة، أنا مجرد سلطة اتهام، أقدم المتهمين في حالة اعتقال، وأطالب بأشد العقوبات القانونية، فهذا واجبي، وتبقى الكلمة للقضاء، هو من سيحكم ولست أنا.. فيرمي الجمرة إلى القضاء، بعد أن ينفخ فيها ويزيدها اشتعالا..
القاضي يقول:”هذا باغين فيه الخدمة..”، وأنا أتبع المحاضر والمساطر. والأمور واضحة على كل حال… وأنا علي أن أحتاط لنفسي، وليس للمجرمين والمتهمين.. ومن لم يعجبه الحكم فأمامه مرحلة الاستئناف لتغييره..
في الاستئناف يقولون: أبَعدَ كل ما سبق، وبعد هذا الملف الثقيل، نغير نحن المجرى ونحيد عن المسار، فنُعرّض أنفسنا لما لا تحمد عقباه؟، ومن لم يعجبه حكمنا فدونه محكمة النقض.. فيمضون على نفس المنوال أو يزيدون.
انتهت حكاية السي عبد الله بها، عليه من الله الرحمات والبركات.