دولة الظلم ليست إسلامية..
أ.د أحمد الريسوني
في حوار مع موقع ميدان القطري
نظام الحكم مصطلح سياسي دستوري، يراد به شكل الحكم وهياكله، وتحديد الصلاحيات والحقوق والواجبات لكل منصب من مناصب الحكم، وتفصيل الحدود والعلاقات بين المؤسسات، وفي مقدمة ذلك تحديد طريقة تولية الحاكم والحكومة، وطريقة محاسبتهما وإنهاء ولايتهما.. أي ما ينص عليه اليوم في الدساتير والقوانين التنظيمية للدول. وهذه أمور متغيرة متطورة، تفصَّل حسب كل زمان ومكان وظرف، وتسمى بالأسماء المناسبة لها، أو بالأسماء المتعارف عليها”.
ولا يوجد في الإسلام نظام للحكم، وإنما توجد أسس وموجِّهات ومبادئ عامة، يجب التزامها والبناء عليها؛ كالعدل والشورى والحكم بما أنزل الله ومساءلة الحكام والمسلمين عبر التاريخ أنتجوا واقتبسوا وجربوا عدة أنظمة ونماذج للحكم، فيها من الإسلام الشيء الكثير، وفيها من مخالفة الإسلام، أو مما هو مأخوذ من غير الإسلام، الشيء الكثير أيضا. وبعض الإسلاميين المعاصرين بالغوا في المخالفة والمفاصلة مع “الآخر”، وكأننا وإياه خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا وهذا غير صحيح”.
وإذا وجدنا اليوم من الإسلاميين من يصححون هذه المبالغة ويضيقون دائرة التمايز والتضاد، ويوسعون دائرة الوفاق، فهو أمر مستحسن. يجب أن نبصر ونعترف بأن عالمنا وعصرنا فيهما خير كثير، مثلما فيهما شر كثير. فيجب أن نرى الوجهين معا، ونعطي كل ذي حكم حكمه وكل ذي حق حقه.
وكل من يخدم قُطره وشعبه وينهض به، دينيا ودنيويا، فهو خادم للإسلام والمسلمين ونهضتهم. وكل من يفسد دولته ويخرب بلده ويظلم شعبه فهو معتدٍ على المسلمين جميعا، وهو يخدم تخلف المسلمين وبؤسهم. ونحن في هذه المرحلة في أمسِّ الحاجة أولا إلى نماذج قُـطْرية ناجحة ورائدة وملهِمة.
وتوصف الدولة بالإسلامية إذا كانت أسسها ومرجعيتها إسلامية، وبناء عليه يكون مجمل سياساتها موافقا ومحققا لمقاصد الشريعة ومصالح المسلمين، بغض النظر عن أي خطأ أو تقصير أو اختلال حقيقي أو مفترض. أما أن تصبح مرجعيتها وسياساتها مخالفة للإسلام، ويكون الظلم والفساد والاستبداد هي سماتها البارزة، فهذه قطعا ليست دولة إسلامية، ولو رفعت المصاحف ولوحت بلا إله إلا الله.