الإمام أحمد الريسوني شاطبي العصر
الإمام أحمد الريسوني شاطبي العصر
د.حمزة النهيري / دين بريس
لست في هذا المقال أسطر كلمات في مدح الشيخ العلامة أحمد الريسوني حفظه الله وبارك فيه، فمرتبته العلمية لاتحتاج لمن يزايد عليها أو يطعن فيها او يجليها، وكل من تجرأ على ذلك فهو ينادي على نفسه بالجهل أو الحسد وكلاهما مذمومان عقلا وشرعا.
كما لا يمكن لعاقل شم رائحة العلم أن ينكر إمامة الشاطبي بما يدل عليه مصطلح الإمامة..
لقد كتب الإمام الشاطبي كتابه العظيم الموافقات في أصول الشريعة فحدث بهذا الكتاب إضافة نوعية لهذا العلم، وهو كتاب عظيم حرر فيه نفحات تجديدية في علم الأصول، حين نبه إلى فلسفة هذا العلم الذي أطلق عليه فيما بعد علم مقاصد الشريعة.
وهو من الكتب العظيمة في تراث الفكر الإسلامي التي دبجتها انامل السادة العلماء النبلاء في مختلف المعارف الإسلامية.
وقد أحسن الإمام الذهبي حين ترجم لسير النبلاء في أمتنا بموسوعة عظيمة تضم سير العلماء النبلاء في تاريخ المسلمين.
وقد يسر الله لكتاب الموافقات وباقي كتب الإمام النبيل أبي إسحاق الشاطبي أن تنتشر في زمن الشيخ محمد عبده ورشيد رضا والشيخ عبد الله دراز والشيخ محمد الخضري، ثم جاء الإمامان ابن عاشور وعلال الفاسي فكتبا في مقاصد الشريعة فكانت هذه الدراسات العلمية من هذين العالمين بمثابة وضع اللبنة الثانية في صرح علم المقاصد.
ثم جادت انامل الشيخ النبيل الدكتور أحمد الريسوني بكتاب نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي ليحدث في تاريخ علم الأصول تحول عظيم في قسم الدراسات الأصولية، حيث أخذ الدرس الأصولي بهذا الكتاب وجهة جديدة في العالم الإسلامي انصب على علم جديد له موضوعه ومبادؤه ومسائله سمي بعلم المقاصد.
فجعل الدكتور الريسوني من المقاصد الشرعية نظرية قائمة بذاتها، وكرس جهودا في نقلها من المباحث الجزئية إلى المباحث الكلية، بل جعل المقاصد الشرعية نظرية قائمة بذاتها في الدرسين الفقهي والأصولي.
بل يمكن القول أن نظرية المقاصد انتقلت كذلك إلى الدرس العقائدي الكلامي.
فالنظرية (الأصولية والفقهية) نعرفها بأنها موضوع كلي يبحث في المسائل من جوانب ومتعلقات متعددة.
فأضحى العالم الإسلامي اليوم والدراسات الشرعية الأكاديمية تتجه نحو مقاصد العلوم بفضل الله تعالى ثم بفضل دراسة الدكتور أحمد الريسوني ، فوجدنا الكتابات الجادة في مقاصد القرءان ومقاصد العقائد ومقاصد الأحكام القانونية، وأقيمت الندوات والمؤتمرات في هذا الموضوع وكتبت البحوث والموسوعات، بحيث يمكن القول بكل اطمئنان بأن كتاب أستاذنا الريسوني حول نظرية المقاصد هو الكتاب العلمي المعاصر المؤسس لهذا العلم ونظرية المقاصد الشرعية.
وقد أصبحت بحوث الشيخ الريسوني الكثيرة في تحرير هذا المفهوم من كتب الأصول لهذا العلم الذي لايمكن لعالم أو باحث أن يغفلها، وكان آخر هذه الإبداعات التحريرية من فضيلة الشيخ العلامة الريسوني كتابه قواعد المقاصد الصادر عن مؤسسة الفرقان، وأنا أستغرب كيف لاتقام الندوات حول هذا الكتاب العظيم الفريد في بابه.. ، من غير أن نغفل ذكر مقاصد المقاصد والذريعة إلى مقاصد الشريعة الصادر منذ مدة يسيرة.
فإذا كان المؤرخون يتكلمون عن القاضي عياض اليحصبي السبتي، فيقولون لولا عياض لما ذكر المغرب، إشارة إلى فضل هذا العالم المغربي الجليل الذي بلغت كتبه ومصنفاته ومواقفه الأقطار والأمصار، خصوصا كتابه الشفا، فإنه يمكن القول إنه لولا الريسوني لما عرف المغرب المقاصدي في عصرنا ولا عرف الناس علم المقاصد، فمؤلفات الشيخ الريسوني تدل على أنه رجل نذر نفسه للعلم وفي كل سطر مما يكتبه تحقيق ونظر وفهم موفق وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
و كل العقلاء اليوم في العالم الإسلامي مجمعون على أن الشيخ ٱحمد الريسوني مفخرة المغرب الأقصى وقلعة شامخة في علم المقاصد، بحيث يمكن أن نصفه بقولنا:
الريسوني شاطبي العصر.
والحمد لله رب العالمين.