التخلف القيمي بـ”الحرية” / آدم الجماعي
.
التخلف القيمي بـ”الحرية”
إشكالية المصطلح
مصطلح الحرية فضفاض في البيئة الإسلامية، ولا ينضبط ضمن القيم العليا، ولا يمثل السمت الشخصي؛ كونه قاصراً بمدلوله وتركيبه على الوضع الطبعي للمخلوق.
وصارت الحرية اليوم ذات مدلول عرفي اجتماعي مادي في مواجهة التدين.
ويتعسر إلباس الحرية لباس “المقاصدية” كمقصد إنساني.
أو “الكلية” أو أصل تبنى عليه فروعه وجزئياته..
فالطبائع متناقضة بأصل الحرية المجردة عن الفطرة.. فحرية اقتناء “الكلب” تختلف من بلد لآخر..
في الصين يرون الكلب مأكولاً.
والغرب يرون الكلب فرداً من أفراد العائلة.
والعرب يرونه نجساً قذراً..
▪️ومعركة السياسيين حول الحرية خلقت صراعات خاسرة.. وأهدرت طاقات سياسية غالباً ما تتحول إلى أعباء أكثر منها مصلحة راجحة.
بل كذبة الحرية مازالت هي أطول كذبات التاريخ اليوم.
▪️والخطاب الإسلامي استورد مصطلح الحرية بمنظومته الغربية المادية بدون تنقيح مقاصدي، حتى أخذ ضريبته الفكرية من رصيد المشروع الإسلامي في تأمين “الواجب، والحق” كقيمة ثنائية متماسكة منتظمة.
أو تأمين مفهوم “الكرامة” كمقصد إسلامي تندرج تحته الحرية. إذ لا حرية تهدر الكرامة الإنسانية. أو تمس المقاصد الخمس العليا.
أو “الرشد” كقيمة عقلية عليا، ينتظم به السلوك الشخصي.
ومفردة الحرية في القرآن غير مستعملة بالاصطلاح الفضفاض اليوم.
ووردت في سياق المقابلة بين (الحر والعبد) كقصور في الذات الإنسانية. التي تتحول إلى ذات مادية كما هو معروف بالفقه الإسلامي.
بأن الحرية تناقض تحول الذات الإنسانية إلى قيمة مادية. وهو مناط التحرر.
واليوم اشكالية الحرية يغلب عليها دفع الذات إلى الاستهلاك المادي.
أما القرآن أحاط “الحرية الطبعية” بمفردات ذات قيم هي أعلى شأناً من مفردة الحرية المجردة؛ مثل:
الرشد
الكرامة
الصلاح
العدل
الإحسان
الحق والواجب
▪️إذن أدنى ما تعنيه “الحرية” هو: مزاجية الحياة حول رغبات الذات والنزوع العاطفي.
وهذه نزوة مشتركة بين كل المخلوقات.
وأقصى ما يعنيه مصطلح الحرية إذا ارتقى نظرياً: أنه تطبيع الاستقلالية في الحياة الشخصية.
فالتنظير ساهم في تطبيع المزاجية إنسانياً.. لا أكثر. بمستوى دوني.
والفارق بين وهذا وهذا؛ هو فارق شكلي من ناحيتين:
١- المزاجية المطلقة.
٢- تطبيع المزاجية.
والأخير يمارسه بعض المفكرين بالتنظير له ضمن النسق المعرفي.
فالحرية الغربية هي في أساسها من النوع الأول التي تعبر عن طواعية مزاجية لشعوبها؛ لأنها في بيئة مادية وتعلي من شأن الفلسفة الواقعية والمادية.
والنوع الثاني يؤسس مصطلح الحرية بالبعد المعرفي، فأضفى عليها التنظير بتطبيع المزاج الفردي نحو التمرد على هوية الشعوب، وخصوصيتها الدينية.
وبتوضيح أكثر:
أن مبدأ الحرية الرائج اليوم كمشروع فكري؛ هو يؤسس لمشكلتين:
المشكلة الأولى:
تطبيع المزاج الشخصي نحو الاستقلالية الفردية برغباته وميوله واهتماماته كثقافة مقدسة للذات.
وهذا جزء يصنع المشكلة التالية
المشكلة الثانية:
توجيه الشعوب لتطبيع “عادة جماعية” دخيلة؛ بنزوع مشترك للأفراد كعادة مادية مطردة.
وهذا بديل غربي يساعد على تفكيك رابطة الوازع الديني الجمعي؛ الذي يمثل شخصية المجتمع المسلم ككتلة روحية ذات هوية دينية.
وهذه الظاهرة الشعوبية التي تحولت إليها بعض البلدان العربية.. فاعتادت بمسار الحرية المادية الفردية على أنماط مجتمعية.. خارج سياق القيم الدينية العليا.
وصنعت معارك حول “الحرية” بكل الاتجاهات.. وأخضعت الشعوب، وأنظمة الدول.. تحت “عرش الحرية” بصراع طويل.
ووجدت الشعوب نفسها تعيش تحت أكواخ من العشب.. لمجرد انتفاخ الحرية.
▪️آدم الجماعي.
.