حول تصريحات السيد راشد الغنوشي بشأن الوحدة المغاربية.
لا أحد كان مهتما بموضوع الوحدة المغاربية خلال سنوات عجاف طويلة، إذ انطفأت شعلة هذا الحلم تماما.. فما الذي تغير حتى هاجت الحميّة وماجت!! السيد راشد الغنوشي شخصية سياسية تونسية كبيرة، ومن الطبيعي أن يفكر كرجل دولة تونسي.. الواقع في تونس يقول أنها، مع جارتيها ليبيا والجزائر، هي بلدان غير مستقرة سياسيا، تتهدّدها مخاطر داخلية وخارجية كبيرة وهي معرضة لاحتمالات أكثر خطورة: تونس تتعرض لمحاولات محمومة لا تتوقف لإجهاض تجربتها الديموقراطية منذ أول انتخابات برلمانية ورئاسية.. والجميع بات يعرف الأطراف العربية والطرف الأوروبي الذي يعمل بكل الوسائل الوضيعة لإعادة الدكتاتورية الى تونس، زيادة على الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية الخانقة.. وللسيد راشد الغنوشي وحزبه دور رئيسي في البناء والحفاظ على التجربةالديموقراطية عبر سياسات ومواقف تتسم بالحصافة والذكاء السياسي وبُعد النظر، شهد لها المنصفون من المراقبين والمحللين الدوليين. السيد راشد الغنوشي يدرك تماما أن مصير جارته ليبيا تكتنفه مخاطر كبيرة رغم التقدم النسبي في مسارات الحل السياسي. الجزاير كذلك تتهددها مخاطر من داخلها (الانقلابات العسكرية) ومن خارجها (مخاطر انفصال الجنوب بتأثيرات الحركات الانفصالية في منطقة الصحراء الكبرى). ويدرك كذلك أن المغرب، على العكس من هذه البلدان الثلاثة، بلد مستقر سياسيا ولا تتهدده مخاطر تهدد استقراره وهو في موقع قوة بالنسبة لموضوع الصحراء.. لهذه الاعتبارات جميعها تصبح الأولوية الأولى لدى رئيس البرلمان التونسي، في نهاية التحليل، هي إخراج بلده وجاريْه من وضعية اللون الأحمر في مؤشرات خطورة الأوضاع إلى اللون الأخضر. عبر فكرة التعاون وبناء الوحدة. وبالنسبة للمغرب سيكون له الدور المؤثر والقوي في دعم هذا الاتجاه ولن يكتمل عِقد الوحدة المغاربية إلا به. أما موريتانيا فرغم أهميته الكبيرة في الإقليم، لكن قبضة فرنسا عليه قوية للغاية وموقف هذه الأخيرة المعادي لأي اتجاه وحدوي جاد معروف للجميع.
لا يمكن للسيد راشد الغنوشي أن يتنكر للمغرب الذي آوى إليه عددا كبيرا من مناضلي ومناضلات حركة النهضة خلال محنتهم المريعة خلال الثمانينات والتسعينات، الذين تابعوا دراساتهم في الجامعات والمعاهد المغربية ومنهم من توظّف وعمل وكثير منهم واصلوا رحلات الهجرة واللجوء السياسي إلى أوروبا وكندا والولايات المتحدة، وكانت قيادات من النهضة تدخل للمغرب وتخرج منه دون أية مشكلات رغم ضغوط نظام بنعلي وسفارته في الرباط. السيد راشد الغنوشي يعرف تماما أهمية المغرب كبلد مغاربي رائد، وكل شيء بأوانه. بقي علىينا نحن المغاربة، كقوى سياسية ومجتمع مدني نشط ومثقفين..الخ، أن نُحْيي اهتماماتنا الجادة بموضوع الوحدة، ونساهم في التفكير والدراسة في هذا البعد الاستراتيجي الكبير والواعد من مستقبلنا.
محمد الحبيب الدكالي
1مارس2021