الريسوني: على الاسلاميين العمل لنشر الديمقراطية والحرية
دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور أحمد الريسوني، الحركة إسلامية إلى الابتعاد عن الصراع على الحكم والسلطة، وأن تساعد فقط القادة القائمين على الإصلاح، لأنه “يجب أن تنصرف في جزء من جهودها إلى إصلاح المجتمعات ثقافيا وتربويا واجتماعيا”.
ورأى، في مقابلة خاصة مع “عربي21” أن “الاستبداد قضية تهم الجميع، وليس الحركة الإسلامية فقط، وإذا كان الشعب بملايينه مُستسلما للاستبداد، فالحركة الإسلامية لن تستطيع أن تخوض وحدها معركة ضد هذا الاستبداد”.
واستدرك الريسوني قائلا: “ينبغي على الحركة الإسلامية العمل على توسيع الحريات ونشر الديمقراطية والشورى ما أمكن، لكن إذا لم تتململ ولم تتحرك الشعوب فسيكون الاستبداد قد وجد بيئة حاضنة ممتازة، ولن يتغير ولن يتزحزح”.
وحول إعلان جماعة الإخوان في مصر وحركة النهضة التونسية استعدادهما للانسحاب من المنافسة على السلطة، أردف: “نحن مع المصالحات والتفاهمات، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وكل ما فيه حقن للدماء والتشرد، وإغلاقُ السجون، وإعطاء شيء من الحرية، فنحن نؤيده ونسعد به كثيرا، وكما يقولون: (شيء خير من لا شيء)”
وكان نائب رئيس حركة النهضة، نور الدين البحيري كشف في مقابلة سابقة مع “عربي21″، عن استعدادهم للانسحاب وتقديم تنازلات مختلفة، قائلا: “لو تطلب الأمر انسحابنا من مواقع المسؤولية، فنحن مستعدون للموت من أجل تونس، وليس الانسحاب فقط، وليس هناك أغلى من الروح، ومَن كان، وما زال، مستعدا للتضحية بدمه فلا تمثل عنده المسؤولية السياسية أو غيرها جناح بعوضة”.
وصرّح القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المصرية، إبراهيم منير، في مقابلة مع وكالة رويترز، قبل أيام، بأن جماعة الإخوان لن تخوض صراعا جديدا على السلطة بعد الإطاحة بها من الحكم قبل تسعة أعوام، حتى رغم أنها لا تزال تحظى بتأييد واسع.
وبشأن اعتزام حركة حماس تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، قال الريسوني: “حماس لم تخاصم ولم تدخل في صراع أو عداوة مع النظام السوري، وما ينبغي لها ذلك، وإذا قررت أن تعيد مكاتبها ووجودها بشكل ما داخل سوريا، فإن لذلك ما يحتمه وما يسوغه، وهذا الأمر يخصهم؛ فهم أهل للثقة وعلى درجة كافية من الوعي والرشد والخبرات”.
وكشف الفقيه المغربي البارز أنه لن يترشح، ولن يقبل ترشيحه مرة أخرى، في الانتخابات المقبلة لرئاسة اتحاد علماء المسلمين المقرر إجراؤها في خريف عام 2023، وقال: “سأعمل على أن يترأس الاتحاد عالِم آخر يُستفاد من مكانته وعلمه ومصداقيته، وأكون أنا في عونه وبجانبه”.
وفي ما يأتي نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:
انتُخبت في 2018 رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين خلفا للدكتور يوسف القرضاوي.. فكيف تقيم فترة رئاستك للاتحاد التي امتدت لنحو 4 أعوام؟
في هذه الفترة التي تشرفت فيها برئاسة الاتحاد يواصل الاتحاد مسيرته وتحقيق الأهداف المرسومة له، ويواصل توسعه العددي في الأقطار والقارات المختلفة، وعضويته تتزايد باستمرار، ونشاطاته الداخلية والخارجية (اللقاءات العامة والمؤتمرات) متواصلة، وكل هذا يسير بشكل طبيعي وفي تطور
وتميزت هذه الفترة كذلك بما يمكن أن أسميه الانتقال من الشرعية التأسيسية والتاريخية، التي يجسدها الرئيس المؤسس شيخنا العلامة يوسف القرضاوي، إلى الشرعية الانتخابية والمؤسساتية، بل إن التصويت في الجمعية العمومية لعام 2018 جرى بواسطة الأجهزة الإلكترونية دون تدخل من أحد؛ فكان إعلان النتائج يتم فور الانتهاء من التصويت الذي كانت تتابعه وتبثه بعض القنوات الفضائية مباشرة. وهذا تطور ما زال يتواصل.
والجمعية العمومية الأخيرة التي انعقدت في الربيع الماضي عُقدت عن بُعد، ووقع فيها أيضا تصويت إلكتروني عن بُعد، ومثل هذه التطورات، وغيرها، ترفع من فاعلية الاتحاد ومصداقية مؤسساته وقراراته.
وبالطبع فإن الاتحاد عانى – كغيره – من وباء كورونا؛ فبعض الأعمال تعطلت وتعثرت، ولكن عولج الأمر شيئا فشيئا وعادت الأمور إلى مجاريها.
وانتقل الاتحاد خلال هذه الفترة نقلة نوعية جديدة تمثلت في إصدار عدة وثائق وكتب باللغة العربية وببعض اللغات الأجنبية ولغات الشعوب الإسلامية، بعدما قمنا بترجمة الوثائق والإصدارات الخاصة بالاتحاد؛ فلدينا حاليا لجنة للترجمة، ولجنة أخرى للطباعة والنشر، وهذا توجه جديد ارتقى إليه الاتحاد مؤخرا، ولذلك فإنه في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة سترى إصدارات علمية تجديدية قيّمة للاتحاد، بالإضافة إلى مجلته “الأمة الوسط” التي ما زالت تصدر بانتظام.
هل تعتزم الترشح في الانتخابات المقبلة لرئاسة اتحاد علماء المسلمين أم لا؟
أنا لم أترشح للانتخابات الماضية، وإنما رُشحت رغما عني وبضغوط شديدة جعلتني مُضطرا لقبول ذلك، وحينها رضخت واستسلمت وتركت الترشيح يمضي والانتخابات تمضي، وبالتالي فأنا لم أترشح، ولن أترشح لرئاسة الاتحاد مستقبلا، خاصة أنني لم أترشح قط لأي منصب توليته، بل دائما أُرشح رغما عني وبإلحاح وطلب من إخواني. وفي نهاية الأمر أستجيب، ولكن في المرة المقبلة لانتخابات الاتحاد لن أترشح ولن أقبل ترشيحي، وسأعمل إن شاء الله على أن يترأس الاتحاد عالِم آخر يُستفاد من مكانته وعلمه ومصداقيته، وأكون أنا في عونه وبجانبه.
متى ستنعقد الجمعية العمومية المقبلة للاتحاد؟
كان من المفترض أن تنعقد في خريف 2022، ولكن تم تعديل النظام الأساسي للاتحاد وصارت الولاية خمس سنوات وليس أربع سنوات، وبالتالي فقد انتقلت الجمعية العمومية المقبلة إلى خريف عام 2023.
الاتحاد كان يعتزم رفع دعاوى قانونية في الولايات المتحدة وأوروبا ضد الدول العربية التي صنفته “منظمة إرهابية”.. ما الذي وصلت إليه تلك المساعي؟
بالفعل، فكرنا في رفع شكاوى إلى الأمم المتحدة والهيئات الدولية تظلما من الدول التي صنّفت الاتحاد منظمة إرهابية، وصنّفت رئيسه وبعض القياديين فيه “أشخاصا إرهابيين”، وعلى رأسهم طبعا شيخ علماء الأمة الدكتور يوسف القرضاوي الذي هو الآن على عتبة المئة سنة حفظه الله. وكان قد اقترح علينا بعض القانونيين والحقوقيين أن نرفع هذه الشكاوى إلى الهيئات المعنية التي ستنصفنا على اعتبار أن هذا التصنيف للاتحاد لا أساس له مطلقا، بل إن هذه الدول لا حق لها في القيام بذلك، ولكن ظهر لنا أن هذا الأمر فيه كلفة مادية كبيرة لا نستطيع تحملها، فضلا عن أن هذا لن يغير من الأمر شيئا، لأن هذه الدول سواء قامت بتصنيفنا إرهابيين أو لم تقم بذلك فهي تمارس الإرهاب ضدنا وضد أنشطتنا، وتمنع كتبنا، وتضطهد وتعتقل أعضاءنا. إذن تصنيفنا كإرهابيين أو عدمه لن يغير من واقع الأمر شيئا؛ فنحن نُعامل بطريقة إرهابية في كل الأحوال، فلذلك لم نواصل رفع هذه الدعاوى والشكاوى.
لكن هل تأثر عملكم بهذا التصنيف؟
بالطبع تأثر عملنا في هذه الدول نفسها، والتي هي مصر والسعودية والبحرين والإمارات، حيث اُضطر كل أعضائنا تقريبا في هذه الدول إلى تجميد عضويتهم في الاتحاد، وبعضهم معتقلون حتى الآن، وبعضهم كتبوا إلينا يعلنون خروجهم من الاتحاد، وهم مضطرون ومعذورون في ذلك بطبيعة الحال، وبالتالي فإنه لا يوجد عاملون للاتحاد في تلك الدول، ولم يعد أحد يستطيع القول إنه عضو في الاتحاد، ولكننا نحن على يقين أن علماء هذه الدول قلوبهم وعقولهم معنا، ودعاؤهم معنا، إلى أن ينجلي هذا الليل.
هل من المحتمل أن ينتقل مقر الاتحاد إلى دولة أخرى غير قطر في المستقبل؟ وكيف ترى احتضان الدوحة للاتحاد طيلة أكثر من 11 عاما حتى الآن؟
الاتحاد في وضعية مريحة، وضيافة كريمة، ومعاملة راقية في قطر، وليس هناك أي سبب يمكن أن يدعونا للتفكير في نقل المقر المركزي للاتحاد خارج الدوحة، بل إن جميع الأسباب تدعونا إلى البقاء وشكر دولة قطر على ضيافتها واحترامها للعلماء وعلى عدم وجود أدنى تدخل منها في عمل الاتحاد ومواقفه وبياناته؛ فالاتحاد يحظى باحترام تام ومُرحب به جدا في قطر ولا نشتكي من أي شيء، ويقينا لن نجد دولة مثل قطر تستضيف الاتحاد، ولو وجدناها لفتحنا فيها فرعا كما لنا فروع في تركيا وماليزيا وتونس والعراق وفلسطين، والبلدان التي ترحب بنا نفتح فيها فروعا ونقوم فيها بعقد اتفاقيات وأنشطة، أما نقل المقر الرئيسي فغير وارد بالمرة.
لماذا لم يصدر اتحاد علماء المسلمين وثيقة ضبط العلاقات والمواقف السياسية للاتحاد حتى الآن؟
نحن منذ نحو 3 سنوات أعددنا وثيقة تضبط العلاقات والمواقف المختلفة، خاصة المواقف السياسية والعلاقات مع الدول والمنظمات الأخرى، وهي وثيقة مُعتمدة من مجلس الأمناء، ثم تم تنقيحها ومراجعتها من قِبل لجنة مفوضة من مجلس الأمناء، ووقّع عليها الرئيس ونائبه والأمين العام، وهي معمول بها ونرجع إليها، ونحتكم إليها، كلما احتجنا ذلك، ولكنها تُعتبر وثيقة داخلية بمثابة جزء من النظام الداخلي، ولذلك فهي ليست للنشر وليست موجّهة للعموم.
كيف تنظر إلى علاقة اتحاد علماء المسلمين بالأنظمة الحاكمة اليوم؟ وهل هو في عداء مع تلك الأنظمة التي يصفها البعض بـ”المستبدة”؟
نحن في الاتحاد ليس لنا عداوة مع أي نظام عربي أو إسلامي، ولا نعتبر أنفسنا أعداء ولا في حالة عداوة أو صراع مع أي نظام. نحن أهل علم وفكر وكلمة طيبة، نقول الحق، ومَن أراد أن يعادينا لذلك فهذا شأنه هو، فهناك أنظمة تعادينا لأننا نقول كلمة الحق، ولأننا نستنكر الفساد والمنكر، ونستنكر السياسات الضالة والظالمة، ونحن نفعل هذا بدافع الشفقة والنصيحة والرغبة في الإصلاح، ولو قُبلت نصيحتنا ومساعدتنا فنحن أعوان حقيقيون، ونتعامل مع كل الأنظمة بالعطف والرغبة في الإصلاح، وأن نرى علاقتها مع شعوبها في حالة أحسن، وهذه طبعا ليست عداوة مطلقا، وحتى الأنظمة المستبدة نترك أمرها للشعوب فكل شعب يتدبر أمره، إلا أننا ضد الاستبداد والفساد والظلم والمنكر وضد الخروج عن الشريعة، لكننا لسنا نعمل ضد نظام أو حاكم معين ولا نعمل ضد الأنظمة، بل نقول كلمة الحق الطيبة فقط.
كيف ترى المصالحات الجارية في المنطقة بين تركيا والسعودية والإمارات والسعودية وقطر ومصر وإيران وغيرها؟ وهل الاتحاد يمكن أن يساهم في تعزيز تلك المصالحات؟
نرجو أن تكون المصالحات المذكورة صادقة وصحيحة، ونرجو لها النجاح والدوام، ونرجو توسيعها حتى تعمّ كل الأقطار العربية بما فيها المغرب والجزائر، ونتمنى كذلك أن تكون هناك مصالحات بين الأنظمة والشعوب، وبين الأنظمة والنخب المثقفة السياسية التي تصنف كمعارضة؛ فيجب المصالحة بين الجميع بلا استثناء، وهذا كله نسعد به ونؤيده، وليس لنا تدخل في هذه المصالحات، بل نباركها من بعيد، ولم يطلب منا أحد التدخل فيها.
تركيا وحركة حماس تعتزمان التطبيع مع نظام بشار الأسد في سوريا بشكل ما أو بآخر.. فما موقفكم من التطبيع مع نظام الأسد؟
أظن أن هذا التوصيف مبالغ فيه الآن. على كل حال تركيا دولة لها سيادتها وسياستها وعلاقاتها، وهي تسلك الآن سياسة مصالحات مع مصر والإمارات والسعودية.. ولا أستبعد أن تتجه إلى نوع من التفاهم مع النظام السوري، لا سيما أنها تتحمل عبئا كبيرا من اللاجئين السوريين بالملايين، لكن حقيقة لا أدري إن كان الأمر سيصل إلى مستوى التطبيع في العلاقات بينهما أم لا.
أما حركة حماس فقد خرجت من سوريا بسبب الأحداث والحرب الداخلية، وهي لم تعاد ولم تخاصم ولم تدخل في صراع أو عداوة مع النظام السوري، وما ينبغي لها ذلك، لأن “حماس” لها صراع وحيد، ولها قضية ومعركة وجبهة وحيدة معروفة، وإذا قررت “حماس” أن تعيد مكاتبها ووجودها بشكل ما داخل سوريا، فإن لذلك ما يحتمه وما يسوغه، ولكن هذا الأمر يخصهم، فهم أهل للثقة وعلى درجة كافية من الوعي والرشد والخبرات، ونحن على ثقة بحسن تقديرهم وتدبيرهم.
جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وحركة النهضة التونسية، أعلنتا مؤخرا استعدادهما للانسحاب من المنافسة على السلطة من أجل محاولة إنهاء الأزمة في بلادهما.. فكيف ترى مثل هذه الخطوة؟
أنا لا علم لي بشكل مؤكد ومفصل حول اتجاه جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحركة النهضة في تونس إلى الانسحاب من الساحة السياسية، ولكن لو فرضنا أنه تم شيء من هذا القبيل، فنحن – كما ذكرت سابقا – مع المصالحات والتفاهمات، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وكل ما فيه حقن للدماء والتشرد، وإغلاقُ السجون، وإعطاء شيء من الحرية، نحن نؤيده ونسعد به كثيرا، وكما يقولون: “شيء خير من لا شيء”.
كيف يمكن للحركة الإسلامية التعايش مع الاستبداد؟ وما السبل المثلى لمواجهة الاستبداد برأيكم؟
الاستبداد بدون شك من الشرور الكبرى ومن المفاسد الكلية التي تتسلط على الشعوب، وتتسلط على رقاب الناس وأرزاقهم وحياتهم وحركتهم وأفكارهم، ولذلك فهي قضية تهم الجميع وليس الحركة الإسلامية فقط، وإذا كان الشعب بملايينه مُستسلما للاستبداد، فالحركة الإسلامية لن تستطيع أن تخوض وحدها معركة ضد هذا الاستبداد، ولكن ينبغي عليها العمل على توسيع الحريات ما أمكن، وتقليص الاستبداد ما أمكن، ونشر الديمقراطية والشورى ما أمكن، وهذا هو الممكن والمستطاع، وشيئا فشيئا يمكن أن تتغير الأمور فيما بعد، ولكن بدون وعي الشعوب بالمفاسد والأضرار الفادحة التي تنالها بسبب الاستبداد، والتي ستطال صحتها وأرزاقها وإبداعاتها، وإذا لم تتململ ولم تتحرك تلك الشعوب، فالاستبداد سيكون آنذاك قد وجد بيئة حاضنة ممتازة، ولن يتغير ولن يتزحزح، حتى لو أرادت الحركة الإسلامية ذلك وحاولته.
إلى أي مدى تأثرت الحركات الإسلامية بحملات الشيطنة والتحريض التي تعرضت لها خلال السنوات الماضية؟
الحركات الإسلامية تأثرت تأثيرا سلبيا في الدول العربية التي تعرضت فيها للشيطنة والتنكيل؛ إذ تقلص نشاط الحركات الإسلامية بدون شك في السنوات الأخيرة منذ ما أسميه بـ”الجحيم العربي” الذي جاء بعد “الربيع العربي”. الربيع العربي أنتجته الشعوب العربية، والجحيم العربي أنتجته الأنظمة العربية، ردا على ربيع الشعوب، ولكن كما نقول في المثل المغربي (دوام الحال من المحال). هذه مرحلة عابرة ربما تدوم سنوات أو أكثر، لكنها بلا شك ستكون عابرة، وعمر الحركة الإسلامية الآن يبلغ قرنا من الزمن، وقد مرت بفترات عديدة تعرضت خلالها لانتكاسات وانكسارات، ولكنها انبعثت ونهضت بعدها، وهذا ما سيقع قريبا إن شاء الله.
ما أبرز الأخطاء التي وقعت فيها الحركات الإسلامية؟
وقوع الحركات الإسلامية في أخطاء جسيمة أو دون ذلك لا ينبغي أن ينسينا ما اُرتُكب في حقها من خطايا وجرائم؛ فهذه الأخطاء يمكن أن تُصحح ودائما هناك مراجعات ونقد ذاتي وانتقادات داخلية، لكن ما لا ينبغي إغفاله هو أن الحركة الإسلامية في العصر الحديث تعرضت لجرائم بشعة للغاية فيها دماء وأرواح وتشريد ونفي وسجون وتعذيب. هذا الذي ينبغي أن نستحضره أكثر، وهو السبب الحقيقي لما تعاني منه الحركات الإسلامية والشعوب العربية.
البعض يرى أن الحركات الإسلامية لا تزال هي الوحيدة القادرة على إصلاح المجتمعات العربية.. ما تعقيبكم؟
لا أظن أن أحدا يقول هذا؛ فالإصلاح مهمة الجميع، ويقوم به الجميع. نحن نعرف أن نهضة ماليزيا قادها الدكتور مهاتير محمد، وهو وطني وقومي، وإن كان رجلا متدينا، لكنه لم يكن في يوم من الأيام من أبناء الحركة الإسلامية، ولم يُشكّل حركة إسلامية، وكذلك في تركيا؛ فالحزب الحاكم الآن ليس حزبا إسلاميا رغم أن له خلفية إسلامية كما يُقال، ودائما تجد هؤلاء الزعماء الناجحين لهم خلفية دينية ولديهم إخلاص لدينهم ولأمتهم ولتراثهم، لكنهم ليسوا مُمثلين للحركة الإسلامية ولم يتخرجوا منها، فإذن.. الإصلاح قد يحدث من الحركات الإسلامية وقد يحدث من غيرها، وأرى أن من الأفضل أن تكون الحركة الإسلامية مشاركة ومساعدة فقط للقادة القائمين بالإصلاح، ويجب أن تنصرف في جزء من جهودها إلى إصلاح المجتمعات ثقافيا وتربويا واجتماعيا مبتعدة عن الصراع على الحكم والسلطة.