الصلاة ومقاصدها..
الصلاة ومقاصدها:
قال تعالى { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون} سورة العنكبوت: 45
فهاهنا عللت فرضية الصلاة بمصلحتين جامعتين عظيمتين: وإحداهما أعظم من الأخرى:
المصلحة الأولى:
هي كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولا يخفى على أحد أن النهي عن الفحشاء والمنكر، والإبعاد عنهما، والتخفيف منهما، إنما هي مصالح فردية وجماعية في هذه الحياة الدنيا، مصالح تعود على الناس بالنفع في أبدانهم وعقولهم وأموالهم وأحوالهم النفسية والاجتماعية… ثم هي بعد ذلك سبب لنيل ثواب الله تعالى في الدار الآخرة.
المصلحة الثانية:
هي ذكر الله الذي هو أكبر من مصلحة النهي عن الفحشاء والمنكر. ولذلك جاء التعليل به وحده في آية أخرى، هي قوله تعالى
{ وأقم الصلاة لذكري} سورة طه: 14.
وقد يقال: إن ذكر الله مصلحة تعبدية أخروية خالصة، وقد جعل هو المقصد الأعظم للصلاة؟
فأقول: إن ذكر الله عز وجل من أعظم المصالح الدنيوية. أو ليس أسمى ما يرغب الناس فيه في حياتهم ويبحثون عنه ليلهم ونهارهم هو السعادة؟ وهل السعادة سوى الشعور بالارتياح والابتهاج والطمأنينة والمتعة؟
وإذا كان الأمر كذلك – وهو لا شك كذلك – فإن أعلى درجات السعادة الدنيوية وأسمى مقاماتها، هي تلك التي يتحصلها الذاكرون لله، الخاشعون في كنفه، يملؤهم اليقين، ويغمرهم الرضى والطمأنينة..
{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} سورة الرعد : 28
ثم إن الحالة القلبية الروحية السامية يكون لها انعكاس شامل على صاحبها، في بدنه ونفسه وفكره وسلوكه… ومن انعكاساتها أنها تفضي إلى النهي عن الفحشاء والمنكر، فتصير هذه المصلحة فرعا عن الأخرى وثمرة من ثمراتها.
فلذلك كله كانت مصلحة ذكر الله هي كبرى مصالح الصلاة واعتبرت المقصد الأول لها.