سليمان.. الناصح الأمين
أحمد الريسوني
قرأت مرارا لأخي سليمان، وسمعتُه، يوضح ويصحح لمن يعتبرونه “صحافيا معارضا”، ويؤكذ أنه صحافي وكفى؛ صحافي حقيقي لا أقل ولا أكثر؛ ذلك أن مهمة الصحافي هي كشف الواقع والوقائع على ما هما عليه، وتسمية الأمور بأسمائها وحقائقها، وتقديمها إلى الناس دون لفٍّ أو زيف، ودون تحامل أو محاباة. وهذا ما كان يقوم به سليمان في تحقيقاته وتحليلاته الصحفية، قبل تغييبه وقطع الصوت عنه.. ولأن أهل الفساد والاستبداد ليس عندهم ما يردُّون به على سليمان، فقد اختاروا أسلوب الجبناء: التلفيق والتغييب لأجَل غير مسمى..!؟
لو كانت عندنا صحافة حرة وآمنة، تستقصي الحقيقة وتقول الحق، لا تباع ولا تشترى، ولا تخاف لومة لائم، ولا نقمة ناقم، لكُنّا بألف خير، ولكُنا نسير من خير إلى خير..
وأما إذا تمكن أرباب الظلم والفساد والاستبداد من السيطرة على الأقلام والألسنة عامة، وعلى الصحافة خاصة: بالمال تارة، وبالمنع تارة، وبالتضييق تارة، وبالتخويف تارة، وبالسجن تارة.. فأَسكَتوا الناصحين الصادقين، وأنطقوا أتباعهم المأجورين، فتلك {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [سورة النور: 40].
إن الذي ينهك الدول وينخر كياناتها، وقد يهدد استقرارها أو وجودها، ليس هو نقد الفساد والظلم، وإنما هو الفساد والظلم، والسكوتُ عنهما، والتمادي فيهما، أو مساعدتهما بالتضليل والتطبيل.. إنها “مؤامرة الصمت”، كما سماها الملك الراحل ونددد بها في أحد خطاباته، رحمه الله.
لنتذكر ولنتدبرْ كونَ أول تكليف صدر من الله تعالى لعبده آدم هو تكليفه بالإنباء الصادق وتمكينه من البيان الواضح: {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [سورةة البقرة: 33]، {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 – 4].
وهل “جريمة” سليمان سوى الإنباء الصادق والبيان الواضح؟