بين قضايانا الوطنية والإسلامية..
إن قضايانا المغربية الوطنية، لا تنسينا قضايا أمتنا الإسلامية. فنحن جزء لا يتجزأ من أمة الإسلام، ألا وإن كبرى قضايا المسلمين في هذا العصر هي قضية فلسطين السليبة، التي نزل بأهلها أكبر مظالم هذا العصر وأشد محنه، وإن الشعب الفلسطيني المستضعف إذ يعاني من تسلط العدو الصهيوني بمنتهى وحشيته وهمجيته، قتلا وتعذيبا وتجويعا وترويعا وتهجيرا وتخريبا، ليعاني أيضا من مرارة الخذلان والإهمال من الدول الشقيقة، ومن حكامها وحكوماتها. فلم يبق له بعد الله عز وجل إلا شيء من المدد المعنوي أو المادي من الشعوب والمنظمات الشعبية وقادتها ومناضليها. فكيف إذا تقاعس هؤلاء وتشاغلوا بشؤونهم؟!
إن القضية الفلسطينية يجب أن تبقى قضية وطنية لشعبنا وبلدنا، وقضية داخلية لمنظماتنا، وقضية عائلية داخل أسرنا، وقضية شخصية في حياتنا، لكي يعلم هذا الشعب المظلوم المستضعف أننا معه إلى النهاية، ولكي يعلم العدو الغاصب أننا ضد عدوانه واغتصابه إلى النهاية.
وإذا كان الشعب الفلسطيني هو الضحية الأولى للمخططات والممارسات الصهيونية الإجرامية الجهنمية، فإن اليهود هم الضحية الثانية، حيث جعلتهم الصهيونية والكيان الصهيوني وقودا لآلتها الحربية ولحروبها المتواصلة منذ ما يزيد عن نصف قرن. لقد أصبح اليهود المجلوبون إلى فلسطين يعيشون بين الموت والخوف من الموت، أو الخوف من المستقبل المجهول لأن الظالم الغاصب لا يمكن أن يأمن أو يطمئن أو يستقر. وقد كان هؤلاء اليهود آمنين مطمئنين في أوطانهم الأصلية، ومنها المغرب الذي غادره مئات الآلاف منهم، بعد أن شحنتهم المنظمات الصهيونية بالأوهام، ثم شحنتهم ورحلتهم إلى فلسطين. مع أنهم كانوا ينعمون في هذا البلد الكريم بكامل حقوقهم ومستلزمات عيشهم مع جميل الرعاية وحسن المعاملة.
وإننا حينما ننتقد أنصار الكيان الصهيوني والمتعاملين معه، لا نفرق في ذلك بين يهودي وغير يهودي، كما أننا في الوقت نفسه نؤكد أن اليهود المغاربة المتمسكين بوطنهم ووطنيتهم، لهم كامل حقوق المواطنة ولهم منا البر والقسط ونتقرب إلى الله بالعدل معهم والإحسان إليهم، كما هو مقتضى آي القرآن. فهذه مبادئنا وعليها ينبني سلوكنا.
ثم بهذه المناسبة إننا ندعو الحكومة المغربية لكي تسهل للشعب المغربي، ولأحزابه ومنظماته، كافة أشكال التضامن المادي والمعنوي، مع الشعب الفلسطيني الشقيق دون أي عرقلة أو تضييق، وذلك جزء من أضعف الإيمان.
(ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) (الحج40.(
من كلمته الافتتاحية للجمع العام الوطني الثاني لحركة التوحيد والإصلاح
التجديد: 16 – 10 – 2002