مقالاتمقالات قضايا دولية
النيابة العامة تستأسد في نهاية المطاف
النيابة العامة تستأسد في نهاية المطاف
أ.د أحمد الريسوني
وأخيرا بدأت المحاكمة “التاريخية” لعدد من كبار المسؤولين في جمهورية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد عدة شهور من اعتقالهم والتشهير بهم..
النيابة العامة طالبت بالحكم على هؤلاء المتهمين بعقوبات سجنية ثقيلة، تصل إلى عشرين عاما، بناء على التهم الخطيرة الموجهة إليهم، مثل تدمير الاقتصاد الوطني..
هذه المحاكمة “التاريخية” تثير عدة تساؤلات منها:
- هل المفسدون المتلاعبون المتاجرون بمصالح الشعب ومصالح الدولة منحصرون في هذه الثلة القليلة التي وقعت في الفخ؟
- هل مَن تم اعتقاله ووضعُه تحت تصرف النيابة العامة وتحت تصرف القضاء، يكون مجرما وفاسدا وشريرا، بينما كثير من أمثالهم ورؤسائهم ومرؤوسيهم ما زالوا يتمتعون بمكاسبهم في أمان واطمئنان، وبعضهم ما زالوا متمسكين بمواقعهم وأفعالهم؟
- وأين كانت النيابة العامة المحترمة والقضاء الموقر منذ عشرين سنة، ومنذ بضع عشرة سنة، ومنذ عشر سنين؟ بل منذ عشرات السنين من الفساد والسلب والنهب؟
- لماذا لم تكن النيابة العامة هي النيابة العامة، ولم يكن القضاء هو القضاء، قبل أن يسقط الجناح المغلوب في يد الجناح الغالب؟
- لماذا دائما تستأسد النيابة العامة والجهاز القضائي فقط على المتهمين المهزومين المعزولين، وتنفذ فيهم الإرادة الانتقامية لخصومهم ومنافسيهم المنتصرين؟
- هل تستطيع النيابة العامة أن تفتح تحقيقات مع الفاسدين وهم في مواقع السلطة والنفوذ والتلبس، أي قبل الإطاحة بهم سياسيا وقبل أن يـَخـرُّوا صرعى؟
- ما قيمة القضاء والنيابة العامة، إذا كانا عاجزين عن الاقتراب من الفاسدين الأقوياء، وكان اختصاصهم الفعلي لا يتجاوز من يقدم إليهم في حالة اعتقال واستضعاف واستسلام؟
- متى تستطيع الشعوب أن تثق في قضاء يحمي حقوقها ومصالحها، بإرادته واستقلاليته ومبادرته؟
- متى يصل القضاء عندنا إلى المبدأ الذي أعلنه والتزم به الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبة تنصيبه حين قال: “والضعيف منكم قوي عندي حتى أزيح علّته إن شاء الله تعالى، والقويّ فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحقّ منه إن شاء الله تعالى”.