*متى نحتفل بالمبادئ والقيم ؟*
*متى نحتفل بالمبادئ والقيم ؟*
بقلم الدكتور نجوغو امباكي صمب.
وصلت ظاهرة الاحتفالات ومناسبات التخليد في المجتمعات الإسلامية إلى حد من الكثرة وغاية من الانتشار تكاد تكون مزعجة ومكلفة في الوقت نفسه، إذ ما من شخصية تاريخية من نبي مرسل أو مصلح مجدد أو فاتح منتصر إلا أحدث له يوم مشهود يحضره القاصي والداني من المعجبين به.
ومع مرور الأيام وذهاب العلم وغربة الدين تنقلب الاحتفالات ومناسبات التخليد إلى أعياد وشعائر تزاحم وتسامي في المشروعية والقدسية الأعياد والشعائر الدينية الثابتة في القرآن والسنة، بل وتفضل عليها في أحيان كثيرة مع الأسف الشديد.
ولا شك أن هذه الظاهرة محدثة ودخيلة على التاريخ والحضارة الإسلامية، لم تعرفها الأجيال المفضلة والمشهود لها بالخيرية، حيث اشتغلوا بالدعوة والجهاد في سبيل الله عن الاحتفالات والمهرجانات التي لا تنشئ عزة ولا تستعيد مجدا.
*الفضائل لا تنكر والمزايا لا تحجب*
نعم أن فضائل الأسلاف الصالحين- رحمهم الله – وأمجادهم معروفة غير منكرة ولا مجحودة، وما صح منها مسطرة في ديوان التاريخ ومطبوعة على جبين الحضارة، غير أن الذي يغفل أو يتغافل عنه كثير من الناس أن الخلود مكتوب ومقدر للمبادئ والقيم وليس للأشخاص والذوات، قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}(1) وقال عز وجل {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}(2) {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ}(3)، فكثير من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام قتلوا في سبيل المبادئ الإيمانية والقيم الإنسانية التي كانوا يحملونها، وضحوا بمهجهم وأنفسهم لتبقي الإيمان والخير والعدل والفضيلة وغيرها من المبادئ والقيم، ليعطوا للناس درسا عمليا في بقاء المبادئ والقيم وذهاب حملتها والدعاة إليها مهما عظموا عند الله وعند الناس، وهذه القاعدة لم تستثن أحدا من السابقين ولا من اللاحقين، حتى خير خلق الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ رسالة الله وأدى أمانته اختار الالتحاق إلى الرفيق الأعلى بعد أن خيره ربه سبحانه وتعالى، ولو شاء الله تعالى لعمره وأنظره إلى يوم القيامة.
*منهج القرآن في تخليد المناسبات والبطولات*
وما أحسن طريقة القرآن وأنفعها في تخليد المناسبات سواء ما تعلق منها بالأشخاص أو بالأحداث، وسواء ما اتصل منها بالأفراد أو بالجماعات، فكم من نبي مرسل أو عبد صالح خلد الله ذكره في هذا السفر الجليل، وكم من حدث تاريخي في الماضي حكاه لنا وكأنا نراه رأي العين، ولكن ما هو أسلوب القرآن ومنهجه، وما هو هدفه وغايته في ذلك كله؟
إن التأمل الدقيق والتفكر العميق في قصص القرآن الكريم يهدي المرء إلى نتيجة مهمة وهي أن القرآن الكريم يركز في جميع قصصه على مواطن العظة والاعتبار، ولا يكاد يقف عند التفاصيل والجزئيات التي لا تفيد المتلقي كثيرا، حتى ولو تعلق الأمر بشخص عظيم أو بحدث جليل، ولعل هذا ما يفسر لنا إبهام القرآن الكريم لأسماء كثير من أبطال القصص وتواريخ وأمكنة الأحداث التي يتناولها، تلك الأمور التي يتبارى المؤرخون في تحديدها ويتعبون في تسجيلها كثيرا.
لنتدبر معا في هذه الآيات الكريمة التي يخبرنا الله فيها عن موقف بعض عباده من نعمه الجليلة سبحانه، قال تعالى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (4)، فالله تعالى يذكر قوم صالح بما أنعم عليهم من وراثة الأرض وبما منحهم من القوة على استغلال الصخور والجبال لأغراض سكنية، كل ذلك ليقابلوا تلك النعم بالشكر لله بالإيمان به وتوحيده وتصديق رسله عليهم السلام، وترك الفساد في الأرض وأكبر صوره الشرك بالله تعالى وتكذيب أنبياءه ورسله عليهم السلام.
وفي مواطن كثيرة في القرآن الكريم يذكر الله بني إسرائيل نعمه الجليلة وأياديه الغزيرة سبحانه وتعالى لعلهم يشكرون ويتوبون مما هم فيه من الغي والفساد، فيقول تعالى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّا سعيدة يَ فَارْهَبُونِ} (5) {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (6) ونعم الله على بني إسرائيل تترى (قال مجاهد –رحمه الله تعالى – نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمي، وفيما سوى ذلك: أن فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المن والسلوى، ونجاهم من عبودية آل فرعون، وقال أبو العالية: أن جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب، قلت: وهذا كقول موسى عليه السلام لهم {يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ} (7)) (8).
أما فيما يتعلق بالاحتفاء بالأشخاص وتخليد ذكراهم فنجد القرآن الكريم يشير دائما إلى المبادئ العظيمة والقيم التليدة التي كان ينتصر لها من تحكى قصصهم وتروى مناقبهم، قال السعدي رحمه الله تعالى: (ولهذا كثيرا ما يبدئ ويعيد في قصص الأنبياء الذين فضلهم على غيرهم ورفع قدرهم وأعلى أمرهم بسبب ما قاموا به من عبادة الله ومحبته والإنابة إليه والقيام بحقوقه وحقوق العباد ودعوة الخلق إلى الله والصبر على ذلك والمقامات الفاخرة والمنازل العالية، فذكر الله في هذه السورة (9) جملة من الأنبياء يأمر الله رسوله أن يذكرهم، لأن في ذكرهم الثناء على الله وعليهم وبيان فضله وإحسانه إليهم، وفيه الحث على الإيمان بهم ومحبتهم والإقتداء بهم) (10)
ففي حديث القرآن عن أبي الأنبياء إبراهيم -عليه الصلاة والسلام – يبرز أهم ملامح شخصيته وذروة سنام مبادئه وهو التوحيد لله رب العالمين والبراءة من الشرك والمشركين، قال تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (11)
وتأمل في ارتباط قصة موسى عليه السلام بمبادئ التحرير ومقاومة الظلم والجبروت كما في قوله تعالى {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (12) وفي قوله عز وجل {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (13)، وقوله تبارك وتعالى {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى} (14) وهكذا في جميع فصول الملحمة التي خاضها موسى عليه السلام في مواجهة أكبر طاغية عرفه التاريخ، تلك الملحمة التي تناولها القرآن بأساليب متنوعة ولأغراض متنوعة تجمعها أصل واحد وهو الاعتبار، قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله تعالى – (فإن من يخشى الله تعالى هو الذي ينتفع بالآيات والعبر، فإذا رأى عقوبة فرعون عرف أن من تكبر وعصى وبارز الملك الأعلى يعاقبه في الدنيا والآخرة، وأما من ترحلت خشية الله من قلبه فلو جاءته كل آية لا يؤمن بها) (15).
*بين الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم والاحتفاء بهديه*
أما إذا أردنا أن نطلع على ذكر خاتم الأنبياء والمرسلين في القرآن وما لرسالته الشريفة من آثار على البشرية جمعاء، فإن ذلك بلا ريب حديث يطول ويطول، بيد أن طوله لا يحول دون اقتباسات يسيرة نبرهن بها على أولوية الاحتفاء بهديه والاقتداء بسيرته على نصب الخيام وضرب الطبول ومن الذبح والنحر في يوم مولده، ومن تلاوة الأمداح المطربة له صلى الله عليه وسلم والصلوات المحدثة عليه، بأبي هو وأمي.
فالقرآن الكريم سجل لنا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم من الإيمان بالله تعالى، قال الله عز وجل {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (16). سعيدة
ونوه القرآن الكريم بما كان عليه رسول الله وصحابته الكرام من العبادة والجهاد في سبيل الله تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (17).
وكذلك أيضا أشاد القرآن بمقاصد الرسالة الخاتمة – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (18).
فقد كانت بعثته وإخراج الأمة الخيرة الأمة الوسط الخيار انقلابا على الجاهلية بكل صورها وألوانها، لم يشهد العالم قبلها ولا بعدها نظيرا في مجال العقائد والأيدلوجيات، حيث تجسد أعظم المبادئ الدينية وأنبل القيم الإنسانية في حياة أفضل جيل من البشر عاش على كوكب الأرض، على أكمل المربين وأفضل المعلمين صلى الله عليه وسلم.
إن أصدق وصف لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والخير للبشرية جمعاء أنه مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية والفضل الرباني، قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (19)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة) (20).
ومن دلائل هذه الرحمة وتجلياته ذلك الكتاب الذي جاء به من عند الله هدى ورحمة، قال تعالى {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (21).
والطابع العام لمنهجه في التغيير والإصلاح كان الرحمة واللين {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (22)
وصحابته بل وأمته من بعدهم أمة رحمة {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (23)
لاشك ولا ريب أن هذه النعم العظيمة والآلاء الغزيرة مما يجب شكرها وذكرها، فوا الله لو قلنا بأن كل حركة أو سكون للمسلمين ينبغي أن يكون شكرا لله وتذكيرا بدعوة رسول الله لم يكون ذلك غلوا ولا مبالغة، وذلك بما سلف ذكره من هدي القرآن الكريم.
ألم يأن للحكام أن يحتفوا بكتاب الله وسنته فيحكمون الأمة بهما ويسوسون المسلمين على هديهما؟
ومتى يرث العلماء – وفقهم الله – عن الأنبياء – عليهم السلام – واجب التغيير ومهمة الإصلاح وأن يأخذوا بأزمة الشعوب التائهة في بيداء البدع والضلالات كي يرجعوا إلى الجادة مرة أخرى.
وما منع الشعوب أن ترجع إلى ربها لتعبده ولا تشرك به شيئا، وتئوب إلى سنة نبيها لتتبعها وتتمسك بها وتتحاكم إليها.
أمة الإسلام
حان وقت الإفاقة فقد طال الرقاد،
وهل من صحو بعد سكرات؟!
________________
(1) سورة آل عمران 146
(2) سورة الأنبياء الآية 34
(3) سورة آل عمران 144
(4) سورة الأعراف الآيتان 73 , 74
(5) سورة البقرة الآية 45
(6) سورة البقرة الآية 47
(7) سورة المائدة الآية 20
(8) تفسير القرآن العظيم (1 / 83).
(9) يشير – رحمه الله – إلى سورة مريم عليها السلام.
(10) تيسير الرحمن ص 494
(11) سورة الممتحنة الآية 4
(12) سورة الأعراف الآيتان 104، 105
(13) سورة طه الآية 48
(14) سورة النازعات الآيات من 15 إلى 26
(15) تيسير الكريم الرحمان ص 909
(16) سورة البقرة الآية 285
(17) سورة الفتح الآية 29
(18) سورة الجمعة الآية 2
(19) سورة الأنبياء الآية 107
(20) أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح على شرطهما.
(21) سورة النحل الآية 64
(22) سورة آل عمران 159
(23) سورة الفتح الآية 29