بينات رمضانية (2) / بين الاستهلاك والاستثمار..
إننا نعيش اليوم في مجتمع يوصف بالمجتمع الاستهلاكي، وتوصف حياتنا بـ“نمط الحياة الاستهلاكية”، أي أن الاستهلاك المفرط أصبح من سماتها البارزة. فالأقلية الرأسمالية تراكم منتوجاتها وأرباحها، على حساب الأغلبية العظمى، التي لا تراكم سوى العبودية للاستهلاك ودورتِه المتحكمة المستحكمة.
فلذلك لا يليق بالمسلم المهتدي بنور الشرع، ولا يجوز له، أن يكون أسيرا مستسلما للاستهلاك والسلبية، لا يفعل سوى أن يَستهلك حتى يُستهلك، وكأنما يتماهى مع مقولة عرب الجاهلية “ما هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع، وما يهلكنا إلا الدهر”.
لا بد من التحكم العقلاني في أبواب الاستهلاك، وإغلاقِ ما يجب إغلاقه منها. ولا بد — مقابل ذلك — من طَرْق أبواب الاستثمار والتنمية وسلوك طُرُقها واتخاذ أسبابها. وليس هذا خاصا بذوي المداخيل الكبيرة كما يُظن، بل هو في حق غيرهم — من ذوي المداخيل الصغيرة والمتوسطة — أولى وآكد وأنفع. وما لا يمكن تحقيقه بالانفراد، يمكن تحقيقه بالتعاون والاشتراك وضمِّ القليل إلى غيره. وقد قيل: “القليل من الكثير كثير”، بمعنى أن المبالغ القليلة من عدد كثير من الناس تعطي في مجموعها مبالغ كبيرة وقدرة كبيرة.