وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى..
“وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى“
الأحكام الشرعية التي تختلف بين الرجال والنساء: في الجهاد، والولايات العامة،
والصلاة، والصوم، والعلاقات الزوجية، واللباس، والزينة… كلها مبنية على الاختلافات
الفطرية القائمة بين الجنسين {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران-36] . وهي اختلافات تكاملية بين الجنسين، فمن الخير — بل من اللازم — احترامها والاستفادة منها والبناء عليها… وكل
ذلك — أي التساوي والاختلاف — مبني على الفطرة ومطابق لمقتضياتها. فما كان
متساويًا ومتطابقًا في الفطرة كانت أحكامه كذلك، وما لا فلا. بل إن فطرة الله في
سائر خلقه، قائمة على عنصرَيْ الوحدة والاختلاف، كما قال الراغب الإصفهاني :
“الأشياء كلها متساوية من حيث إنها مصنوعة بالحكمة…، ومختلفة من حيث إن كل نوع
مختص بفائدة [1]. ”
وإن ما يجري في عالمنا اليوم من محاولاث حثيثة ومحمومة، بغية تحقيق المطابقة
والتسوية التامة بين الرجال والنساء، وإلغاءِ الفروق بينهما على جميع الأصعدة وفي
المجالات والوظائف الاجتماعية، لهو تنكر صريح للحقائق الفطرية وتعسف عليها ومعاكسة
لها. فهو اتجاه مضاد للحقيقة البشرية وللسعادة البشرية، بل هو
من وجوه الإفساد في الأرض. وقد جاء في الحديث: “لَا يَزَال النَّاس بِخَيْرٍ مَا تَفَاضَلُوا، فَإِذَا تَسَاوَوْا هَلَكُوا [2] “.
ذلك أن وضع التسوية والمطابقة في غير موضعهما، يشكل إخلالاً بالحكمة والوظيفة
المرعية في الفروق والاختلافات التي وضعها الباري في خلقه، فهو ظلم وبغي وإفساد
لفطرة الله التي فطر الناس عليها.
د. أحمد الريسوني
— — — — — — — — — — — — — — —
[1] تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين للراغب ص111 .
[2] ذكر على أنه حديث في : شرح ابن بطال لصحيح البخاري 19|13 ؛ فتح الباري لابن حجر 20|66 ؛ النهاية لابن الأثير2|427 ؛ وقد ذكره الميداني في مجمع الأمثال 2|208 على أنه من أمثال العرب.