تنحية حركة النهضة تفوز بجائزة نوبل
تنحية حركة النهضة تفوز بجائزة نوبل
أ.د أحمد الريسوني
نشر في هوية بريس: الثلاثاء 13 أكتوبر 2015
جائزة نوبل للسلام، مُنحت هذه السنة -كما هو معلوم- للمنظمات التونسية الأربع، التي قامت بوساطات وحوارات وإضرابات، آلت في النهاية إلى تحقيق شكل من أشكال التوافق السياسي بين الأحزاب التونسية، وتشكيل حكومة تونسية جديدة…
هذا المنحُ -أو هذه المنحة- جاء مفاجئا ومستغربا. وقد نال ما نال من أطنان الإعجاب والترحيب والإطراء والتهانئ في الأوساط العربية.
لقد صار العرب والنخب العربية يفرحون ويرحبون ويتعلقون بكل الأوهام اللامعة والبراقة، وذلك بعدما غرقوا في بحار الإحباط وظلمات الفساد وكوارث الاستبداد.
والحقيقة أن المنظمات التونسية الحائزة اليوم لجائزة نوبل، لم تفعل سوى أنها بذلت جهودا حثيثة وضغوطا شديدة على حركة النهضة، لتتنحى وتترك الحكم والحكومة لغيرها. وهكذا تمت الإطاحة سلميا بحكومة شرعية منتخبة لا غبار عليها، وتم تسليم السلطة لغيرها، وتم إعطاب المسار الديموقراطي لأجل غير مسمى.
نعم لقد آثر (حزب حركة النهضة) السلم والوفاق والتنازل، ولو على حسابه وعلى حساب مكانته المستحقة. وهذا موقف تاريخي مشكور ومقدر. ولو كانت أصحاب جائزة نوبل يتسمون بالنزاهة والموضوعية لكانت الجائزة لحركة النهضة، أو على الأقل لكانت شريكة فيها.
أما أن يتم التجاهل التام للموقف الشهم والنبيل لحركة النهضة، ويخصص الإكرام والتكريم بالكامل لمن عملوا جاهدين لتحقيق هدف تاريخي عندهم، وهو إسقاط الحكومة المنتخبة، لا لشيء سوى أنها بقيادة حزب حركة النهضة، الموصوف عندهم بالإسلامي، فهذا تقدير مثير للريبة والتهمة، لا للإعجاب والترحاب.
لقد كان من واجب تلك المنظمات الفائزة اليوم بجائزة نوبل أن تدعم الديموقراطية الوليدة في بلادها، وأن تساعد الحكومة الشرعية، وأن تتفهم الظروف والصعوبات الانتقالية التي تمر بها تونس وأول حكومة منتخبة فيها، وأن تفضح وتناهض العراقيل والأحداث المفتعلة الموجهة ضدها وضد بقائها، بدل أن تستغل ذلك كله بانتهازية رخيصة، بغية تحقيق شيء واحد، هو تنحية النهضة بأي ثمن.
وها هي حركة النهضة مرة أخرى، تعطى دروسها الراقية في التعفف وإنكار الذات وإيثار مصالح الشعب والوطن. ها هي تدعم وتسند الحكومة الحالية والرئيس الحالي -على علاتهم- وتؤازرهم وتتفهم صعوباتهم وعثراتهم، ولا تنتهز أي فرصة من الفرص الكثيرة لممارسة الابتزاز والثأر.
لقد فازت حركة النهضة بجائزة النبل، وفاز الآخرون بجائزة نوبل.
وتبقى الكلمة للتاريخ.